الاثنين، 9 يناير 2012

الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام


خرج الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه من المسجد فلقيه رجل فسبّه وبالغ في سبه وأفرط، فعاد إليه العبيد والموالي، فكفهم عنه وأقبل عليه وقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحيا الرجل، فألقى إليه خميصة [ثوب أسود]، وألقى إليه خمسة آلاف درهم، فقال الرجل: أشهد أنك من أولاد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
- ولقيه رجل فسبَّه، فقال له: يا هذا بيني وبين جهنم عقبة إن أنا جزتها فما أبالي بما قلتَ، وإن لم أجزها فأنا أكثر مما تقول.
- حج هشام بن عبد الملك في زمن عبد الملك أو في زمن الوليد، فلما طاف جهد أن يستلم الحجر فلم يطق لزحام الناس عليه، فنصب له منبرٌ، وجلس ينظر إلى الناس، إذ أقبل علي بن الحسين رضي الله عنه من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم ريحاً، فطاف بالبيت، فكان كلما بلغ الحجر تنحى الناس له حتى يستلمه.
فقال رجلٌ من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه المهابة ؟ فقال هشام: لا أعرفه - مخافة أن يرغب الناس فيه - وكان حوله وجوه أهل الشام والفرزدق الشاعر، فقال الفرزدق: لكنني أنا أعرفه، فقال أهل الشام: من هذا يا أبا فراس ؟ فقال:
هذا سليل حسين وابن فاطمة *** بنت الرسول الذي انجابت به الظّلم
هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأته *** والبيت يعرفه والحلّ والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلّهمو *** هذا النّقي التّقي الطاهر العلمُ
إذا رأته قريشٌ قال قائلها *** إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ
يرقى إلى ذروة العزّ الذي قصرت *** عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلمُ
يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته *** فلا يكلّم إلا حين يبتسم
من جدّه دان فضل الأنبياء له *** وفضل أمته دانت له الأمم
ينشقّ نور الهدى عن نور غرّته *** كالشمس تنجاب عن إشراقها الظّلم
مشتقة من رسول الله نبعته *** طابت عناصرها والخيم والشّيم
هذا ابن فاطمةٍ إن كنت جاهلُه *** بجدّه أنبياء الله قد ختموا
الله شرّفه قدماً وفضّله *** جرى بذاك له في لوحه القلمُ
فليس قولك: من هذا, بضائره *** العربُ تعرفُ من أنكرتَ والعجم
كلتا يديه غياثٌ عمّ نفعهما *** يستو كفان ولا يعروهما العدم
حمّال أثقال أقوام إذا فدحوا *** حلو الشمائل تحلو عنده نعم
لا يخلف الوعد ميمونٌ نقيبَته *** رحبُ الفناءِ أريب حين يعتزم
من معشرٍ حبّهم دين وبغضهمو *** كفرٌ وقربهمو منجىً ومعتصم
إن عدّ أهل التّقى كانوا أئمتهم *** أو قيل: من خير أهل الأرض؟ قيل: همو
لا يستطيع جوادٌ بعد غايتهم *** ولا يدانيهم قومٌ وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمةٌ أزمت *** والأسد أسد الشّرى والبأس محتدمُ
لا ينقص العسر بسطاً من أكفّهم *** سيّان ذلك إن أثروا وإن عدموا
يستدفع السوء والبلوى بحبّهمو *** ويستردّ به الإحسان والنعم
مقدّمٌ بعد ذكر الله ذكرهمو *** في كل أمرٍ ومختومٌ به الكلم
يأبى لهم أن يحلّ الذّلّ ساحتهم *** خيمٌ كريم وأيدٍ بالندى هضم
أيّ الخلائق ليست في رقابهمو *** لأوّليّة هذا أو له نعم
من يشكر الله يشكر أوليّة ذا *** فالدّين من بيت هذا بابه الأممفلما سمع هشام هذه القصيدة، غضب وتنغص عليه يومه، وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة.
وبلغ ذلك علي بن الحسين رضي الله عنه، فبعث إليه بأربعة آلاف درهم، فردها الفرزدق، وقال: ما قلت الذي قلت إلا غضباً لله ولرسوله، وما كنت لأرزأ عليها شيئاً، فردها عليه.
وقال: بحقي عليك إلا قبلتها، فقد علمت أنا أهل بيت إذا أنفذنا أمراً لا نرجع فيه، وقد رأى الله مكانك، وعلم نيتك، والجزاء عليه تعالى. فقبلها.
وفي رواية فبعث باثني عشر ألف درهم، وقال: اعذرنا أبا فراس لو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق